مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
نتنياهو ومُغامرة الهروب من السقوط الداخلي والمُلاحقة الدولية.. تصعيد ضد لبنان وضرب إيران!



جنوبيات
تشهد المنطقة تسارعاً غير مسبوقٍ للأحداث، على امتداد الجبهات الإقليمية، تُنذر بلحظة انفجار، مع توسع وتعدّد أماكن التوتر، وسط تشابك الحسابات الدولية والإقليمية.
هذا يُنذر بأنّ المنطقة دخلت مساراً شديد التعقيد، تتقاطع فيه مأزق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمُلاحقات المُتعدّدة له داخلياً ودولياً، ما بات يُخشى من إقدامه على مُغامرة عسكرية، مُتعدّدة الأماكن، بهدف تغيير المُعادلات بالقوة، في محاولة اللهروب والإفلات من العقاب، عن الجرائم التي يرتكبها.
ونجح نتنياهو، بفعل التسويات التي قام بها، من النجاة «على الحافة»، وتأجيل انهيار «الكنيست» من حلّ نفسها، وفق ما تقدّمت به المُعارضة الإسرائيلية، بعدما صوّت 61 عضواً فيها، من بين 120، على عدم حلها، مقابل 53 أيدوا الحل.
يأتي ذلك تحت تأثير الخلافات الحادّة بين "الحريديم"، الذين لا يُريدون الخضوع إلى التجنيد الإجباري، ومن يُطالب بشمولهم بذلك.
وفي ضوء سقوط التصويت على حلّ "الكنيست"، لا يُمكن إعادة طرحه، إلا بعد مرور 6 أشهر!
لكن، يُمكن أن تؤدي الاستقالات من الحكومة، المدعومة حالياً من 68 عضواً، إلى فقدانها ثقة "الكنيست"، وبالتالي حلّها، حيث تُشير الاستطلاعات إلى عدم إمكانية نتنياهو وفريق الائتلاف الحاكم من الفوز بأغلبية في الانتخابات العامة المقبلة.
وقد استفاد نتنياهو من فائض القوة، إثر الاتصال الهاتفي الذي جرى مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لهذا، فإنّ تصعيد نتنياهو يتوزع على محاور عدّة:
- من خلال حرب الإبادة الجماعية ضد أبناء قطاع غزة، التي دخلت شهرها الـ21، حاصدةً ما يتجاوز 200 ألف بين شهيدٍ وجريحٍ ومفقودٍ، فضلاً عن دمارٍ رهيب، وإجبار أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة على النزوح مرّات عدّة داخله، حيث لن يسلموا من القصف الإسرائيلي، أو الوفاة بتداعيات الجوع، جرّاء الحصار وفقدان الأدوية.
- توسعة العدوان على الضفة الغربية، وتدمير المزيد من المباني، خاصة في مُخيم جنين، واستمرار تهجير أهله، مع مُخيم طولكرم، وعدد من مُخيمات الضفة الغربية، في محاولة لـ"ترانسفير" لأهلها إلى خارجها.
- بناء المزيد من المُستوطنات في الضفة الغربية، على اعتبار أنها "يهودا والسامرة"، حيث يترافق ذلك مع اعتداءات المُستوطنين بحق الأهالي الصامدين.
- التضييق على السلطة الفلسطينية، واستمرار قرصنة الأموال التي تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية من الضرائب، خاصة مع الإصرار الفلسطيني، بقيادة الرئيس محمود عباس، على كسب مزيدٍ من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ورفع العضوية إلى الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد المؤتمر الدولي لحلّ الدولتين، بمقر الأمم المتحدة في واشنطن بين 17-20 الجاري، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا، وحضور ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس عباس، وعدد من رؤساء وقادة العالم، والذي يُعتبر نقطة تحوّل كبيرة، لإظهار الحق الفلسطيني بالدولة، وتكريس ذلك على أرض الواقع، ووقف حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
- محور إيران، حيث ترتفع وتيرة التهديدات الإسرائيلية، مع تسريبات عن نية استهداف مواقع تخصيب نووي، تعتبرها تل أبيب تهديداً وجودياً، في حين تلوّح طهران بردّ قاسٍ يستند إلى معلومات أمنية حصلت عليها عبر اختراقات دقيقة، تكشف عن هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
- تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلي، غارات وعمليات كوماندوس في العمق السوري، ضمن سياسة استنزاف واضحة.
- تزايد الاستياء الشعبي داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يتعرّض نتنياهو، وقادة جيشه لضغوط قضائية دولية مع تنامي دعوات المحاسبة في أوروبا والعديد من دول العالم، بالتوازي مع تغيّر ملموس في الخطاب الأوروبي بإدانة الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والضفة الغربية.
- الجبهة اللبنانية، حيث تواص قوات الاحتلال الإسرائيلي، يومياً خرق قواعد اتفاقية التهدئة، واستمرار احتلال 5 نقاط، وتصعيد عسكري متزايد، يقابله موقف لبناني موحّد برفض أي تعديل في مهام قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان، خصوصاً بعد تداول مقترحات لتوسيع مهمتها تحت الفصل السابع!
وفي هذا السياق، برزت تحركات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة القاضي الدكتور نواف سلام.
والموقف الحازم الذي أعلنه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، خلال زيارته القوات الدولية في جنوبي لبنان، مؤكداً على الالتزام الكامل بالسيادة والتفاهمات القائمة.
وعلى خطٍ موازٍ، تصدر تحذيرات مُتزايدة من هيئات دولية عاملة في لبنان، بضرورة التأهّب والاستعداد للطوارئ، خشية التصعيد الإسرائيلي في لبنان.
هذا في وقت تقلّص فيه الولايات المُتحدة الأميركية بعثاتها في البحرين والكويت والعراق، في مُؤشّر على إدراك دولي لاحتمال تطور خطير قد يخرج عن السيطرة.
كل هذه التطورات تعكس الوضع الصعب الذي تعيشه المنطقة، والذي لم تتضح الصورة بعد إلى أين ستذهب الأمور مع مُغامرات نتنياهو؟!