هذه القصّة الطريفة تتمحور بين نقيضين:
"حلاّقٌ ساخرٌ وغلامٌ ماكرٌ"! 
وقد سمعتها من جارنا (النجّار محمود فخران رحمه الله) في حيّنا القديم حيث ولدت وترعرت في منطقة الصّنائع، شارع ماري عدّة. 

وفيها يقول:
 ﺩﺧﻞ غلام ﺻﻐﻴﺮ إلى صالون للحلاﻗﺔ، ﻓﻬﻤﺲ ﺍلحلّاق ﻟﻠﺰﺑﻮﻥ الجالس على الكرسيّ قائلًا :
 "ﻫﺬﺍ ﺃﻏﺒﻰ ولد ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ"، ﺍﻧﺘﻈﺮ ﻭﺳﺄﺛﺒﺖ ﻟﻚ ﺫﻟﻚ. 
فوﺿﻊ ﺍلحلّاق 10 غروش ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻭﺿﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ ليرة واحدة، وﻧﺎﺩى على ﺍلغلام (البالغ من العمر تسع سنوات) ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ أحد ﺍﻟﻤﺒﻠﻐﻴﻦ. فأﺧﺬ ﺍﻟﻮﻟﺪ ال10 غروش ﻭمضى. 
فقاﻝ ﺍلحلّاق:
 ﺃﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻚ ﺃﻧّﻪ ﻏﺒﻲّ ﻭلم ﻳﺘﻌﻠّﻢ ممّا سبق؟
 ﻓﻔﻲ ﻛﻞّ ﻣﺮّﺓ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ! 

وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺰّﺑﻮﻥ ﻣﻦ صالون ﺍﻟﺤﻼ‌ﻗﺔ،  ﺻﺎﺩﻑ ذاك الغلام ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﺎﺭﻉ، ﻓﺪﻓﻌﻪ ﻓﻀﻮﻟﻪ ﻭﺣﻴﺮﺗﻪ لسؤاله عن فعلته ومعرفة السبب. 
فتقدّم ﻣﻨﻪ سائلًا :
 ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺄﺧﺬ ال10 غروش ﻛﻞّ ﻣﺮﺓ ﺑﺪلًا‌ ﻣﻦ الليرة؟
 ﺃﺟﺎﺏ الغلام :
 ﻷ‌ﻥّ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﺧﺬ ﻓﻴﻪ الليرة ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ، "فقليل دائم خير من كثير منقطع". 

يظنّ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨّﺎﺱ أحيانًا أنّ الآخرين ﺃﻗﻞّ منهم ﺫﻛﺎﺀ وفطنة. فيتبيّن العكس، وينكشفون على جهل منهم وقلّة إدراك أمام حادثة صغيرة تظهرهم على حقيقتهم السّاخرة. 
وصدق من قال:
 "من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم".
وفي هذا يصحّ القول :
"لكلّ داء دواء يُستطبّ به
إلا الحماقة أعيت من يُداويها"