يُمثل الهجوم الأخير على إيران، والذي نسبته مصادر مقربة من الاستخبارات الدولية إلى إسرائيل، تصعيدًا مُقلقًا في منطقةٍ اتسمت بالفعل بعقودٍ من عدم الاستقرار. هذه المرة، لم يكن الهدف البنية التحتية النووية بقدر ما كان شخصياتٍ بارزة في الجهاز العسكري والعلمي الإيراني: ضربةٌ مُوجهةٌ إلى قلب البلاد الاستراتيجي.
تؤكد طبيعة العملية - الدقيقة، القاتلة، والجراحية - استراتيجية إسرائيلية موحدة: التصفية المنهجية لمن يُعتبرون "تهديدًا وجوديًا"، وفقًا لعقيدة أمن الدولة اليهودية. إلا أن هذه العقيدة تثير تساؤلات جوهرية حول احترام القانون الدولي، وسيادة الدول، ومفهوم "الحرب الوقائية" بحد ذاته.
مرة أخرى، ردود الفعل العالمية فاترة أو غائبة. القوى العظمى - الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك روسيا والصين - لا تزال صامتة أو غامضة. لا تزال فلسطين تدفع الثمن الأكبر من حيث أرواح المدنيين، بينما تبدو دول أخرى مثل اليمن، رغم كل التناقضات، من بين الدول القليلة التي استجابت بإجراءات ملموسة وتصريحات لا لبس فيها.
في هذا السياق، عادت مسألة معاهدات الدفاع المشترك الثنائية إلى الواجهة. إيران، التي أبرمت في السنوات الأخيرة اتفاقيات مع موسكو وبكين، على نحوٍ مُعادٍ لحلف الناتو والهيمنة، تجد نفسها الآن معزولةً في اللحظة الأكثر حرجًا. هذه المعاهدات، التي يُحتفى بها بحماسٍ دبلوماسي، تُظهر الآن حدودها: فالواقعية السياسية تتفوق مجددًا على الالتزامات المكتوبة.
السؤال الذي يطرحه العديد من المحللين هو: هل سترد طهران بهجوم مباشر أم ستواصل الاعتماد على استراتيجية غير متكافئة، قوامها تحالفات إقليمية وعمليات عن بُعد؟ لكن المؤكد هو أن كل حلقة عنف جديدة تُقرّب المنطقة من نقطة اللاعودة.
الخطر، كما هو الحال دائمًا، هو أن يُفسَّر صمت المجتمع الدولي على أنه موافقة ضمنية. وأن عالمًا يبدو متعدد الأقطاب، يواجه انتهاكًا آخر للقانون، سيكشف في الواقع عن كونه أحادي القطب في لامبالاته.