في خطوة لافتة نحو تحديث التعليم الرسمي، شارك ما يقارب 500 معلّم ومعلّمة من 12 مدرسة رسمية وعلى مدى يومين في سلسلة ورش تدريبية حول برنامج السنوات الإبتدائية (PYP) التابع لمنظمة البكالوريا الدولية (IB)، في إطار مساعي لبنان لدمج أطر تعليمية معترف بها عالميًا ضمن نظامه التعليمي الرسمي بهدف تعزيز جودة التعليم وتوسيع الوصول إلى المناهج العالمية.
تأتي هذه المبادرة ثمرة مذكرة تفاهم وُقّعت في آب/أغسطس 2023 بين وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة، ومنظمة البكالوريا الدولية، والتي منحت 12 مدرسة رسمية في مختلف المناطق اللبنانية صفة "مدارس مرشحة" لإعتماد هذا البرنامج، وبدأت منذ ذلك الحين عملية تعيين مستشارين من المنظمة لمواكبة المدارس في مراحل الإعتماد.
أشرف على الورش التدريبية 20 مدرباً معتمداً من منظمة البكالوريا الدولية، وهدفت إلى تمكين الكوادر التعليمية من تنفيذ البرنامج بشكل كامل خلال العام الدراسي 2024–2025. واستضافت هذه الورش مدرسة "الإنترناشيونال كولدج" (IC) في بيروت.
وتركّز التدريب على ركائز البرنامج الأساسية، كتنمية المهارات اللغوية، واستراتيجيات التقييم، وبرنامج الإستفسار (POI)، والقيادة في إطار منهاج يتمحور حول الطالب.

وشاركت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي في هذه الفعالية، وأكدت في كلمة لها بالمناسبة دعمها القوي لإدماج البكالوريا الدولية -باعتبارها معياراً عالمياً للتميّز التعليمي- في المدارس الرسمية اللبنانية. ووصفت المبادرة بأنها محطة محورية لتعزيز جودة التعليم وضمان وصول عادل إلى مناهج تعليمية دولية، مشيدة بالنهج التشاركي للسياق المحلي الذي اعتمدته المنظمة، والذي ساهم في تكييف البرنامج مع خصوصيات الواقع التربوي في لبنان.

وألقت رئيسة مؤسسة الحريري السيدة بهية الحريري، كلمة أمام المشاركين، أعربت فيها عن امتنانها لوزارة التربية على رؤيتها ودعمها. وقالت: نثمّن عالياً رؤية الوزارة ودعمها ، فإيمانهم بالمبادرة هو ما يمنحها شرعيتها وقيمتها.
وخاطبت المعلمين المشاركين قائلة: أنتم المحرّك الحقيقي لعملية التحوّل في التعليم الرسمي. إن مهنيتكم والتزامكم وانفتاحكم على التطوير، هي مفاتيح نجاح هذه المبادرة. أنتم وكلاء التغيير. أنتم أمل طلابكم. 
وشدّدت السيدة الحريري على أن "المشروع يتجاوز مسألة تطوير المناهج، فهو متجذّر في مفاهيم العدالة والحق في تعليم ذي مغزى، ومواكب لمتطلبات المستقبل".
وأضافت: لا يمكن إحراز التقدّم إلا من خلال التكاتف. وهذه المسيرة هي دليل حيّ على أن التغيير الجذري ممكن عندما تتعاون المؤسسات والمعلّمون والمجتمعات. فالمسألة لا تتعلّق بتعديل منهاج أو استراتيجية أو كتاب دراسي، بل تتعلّق بالعدالة. إنها قضية حقّ في التعليم، وليس أي تعليم، بل تعليم ذو مغزى ومؤهّل للمستقبل.

كما شاركت المديرة الإقليمية لمنظمة البكالوريا الدولية ماري تادروس في الفعالية عبر تطبيق "زوم"، حيث نوّهت بهذه المبادرة، وعبّرت عن تقديرها العميق لمؤسسة الحريري ولسعادة السيدة بهية الحريري، ولوزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي. واعتبرت هذه الشراكة نموذجاً يحتذى به في إصلاح التعليم التشاركي والفاعل في العالم العربي.

إشارة الى أن هذه الورش التدريبية تأتي استكمالًا لجهود سابقة في مجال التطوير المهني، وتمثّل خطوة متقدمة نحو تطبيق تعليم البكالوريا الدولية في المدارس الرسمية اللبنانية. ولا تزال المدارس المعنية في طور الترشيح وتتابع مسارها نحو الحصول على الإعتماد الكامل.. ويُعدّ لبنان أول دولة عربية تُطلق تجربة تطبيق برنامج السنوات الإبتدائية في المدارس الرسمية، في خطوة تهدف إلى تعميم الوصول إلى تعليم قائم على الإستقصاء والتفكير العالمي داخل القطاع العام.