بأقلامهم >بأقلامهم
حلم الدولة الفلسطينية بين الواقع والتحديات
حلم الدولة الفلسطينية بين الواقع والتحديات ‎الثلاثاء 8 07 2025 15:26 هبه بيضون
حلم الدولة الفلسطينية بين الواقع والتحديات

جنوبيات

 

إنّ فكرة إقامة الدولة الفلسطينية ليس مجرد مطلب سياسي، بل هو حق متجذر منذ نكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا، حيث لم تغب هذه الفكرة عن الوعي الجمعي للشعب الفلسطيني والعالم العربي. ومع تعدّد المبادرات الدولية وتغير موازين القوى، تبقى الدولة الفلسطينية هدفاً مؤجلاً، رغم وضوح معالمها القانونية، المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها قرارا مجلس الأمن رقم (242) و(338)، والاعتراف الدولي الواسع بها كعضو مراقب في الأمم المتحدة منذ عام 2012.

وعلى الرغم من الدعم الدولي المعلن، فإنّ إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية تصطدم بعوائق متشابكة؛ منها فرض الاحتلال أمراً واقعاً عبر التوسع الاستيطاني، وتغيير معالم القدس ومحاولات تهويد أحيائها باستمرار، والسيطرة الأمنية الكاملة على الأرض، وعلى الموارد الطبيعية من مياه وأراض زراعية، والتحكم بالمعابر والحدود، وتقويض الاقتصاد الفلسطيني، وخلق كنتونات محاصرة بالحواجز والجدار العازل، كنوع من التقسيم الجغرافي، ومحاولات جعل السلطة مجرد إدارة محلية خدمية، بدون سيادة فعلية، وغيرها من الممارسات ذات الأبعاد المختلفة، التي تسعى لنزع الهوية والحقوق من الشعب الفلسطيني.
كما أنّ الانقسام بين غزة والضفة، يضعف قدرة الفلسطينيين على اتخاذ قرار موحد، ويربك المشهد السياسي المطلوب لتحقيق حلم الدولة. 

أمّا عربياً، فإنّ التراجع الرسمي نسبياً عن دعم القضية الفلسطينية سياسياً ومالياً، وتحوّل الاهتمام نحو أولويات داخلية، أو تطبيع مع الاحتلال، يضعف الغطاء الدبلوماسي والسياسي للقضية الفلسطينية، فلم تعد الدول العربية تشكّل ضغطاً دولياً قوياً بالمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيين وإدانة انتهاكات الاحتلال، كما كانت سابقاً، وبالتالي، أدّى ذلك الى تضاؤل الوزن السياسي للقضية في المحافل الدولية، ما منح الكيان هامشاً أكبر لتوسيع سياساته دون أيّ رادع.

ومن التحدّيات أيضاً لإقامة الدولة الفلسطيينة ازدواجية المجتمع الدولي الذي يدين الانتهاكات، لكنه لا يتخذ إجراءات رادعة، ما يفقد الموقف الدولي جدّيته، ويشجّع إسرائيل على المضي في سياساتها.

وعلى الرغم من تعقيدات المشهد، إلّا أنّ الفرصة لإقامة الدولة الفلسطينية ما زالت قائمة، ولكن على الفلسطينيين القيام بما يلي: استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر تحقيق المصالحة، وجود تحرك سياسي ودبلوماسي مكثّف، يقود حملة دولية من خلال المحاكم الدولية والهيئات الأممية، لإلزام إسرائيل بتطبيق القانون الدولي، إحياء المقاومة الشعبية المدنية، بمعنى تحريك طاقات المجتمع المدني الفلسطيني بجميع فئاته لمقاومة الاحتلال سلمياً وبصورة منظمة، عبر عدة أدوات، منها المقاطعة الاقتصادية، حملات التوعية الرقمية بالرواية الفلسطينية وفضح انتهاكات الاحتلال، وغيرها، بحيث يربك الاحتلال ويحرجه أمام العالم.

إنّ إقامة دولة فلسطينية مستقلة ليس حلماً مستحيلاً، وليس ترفاً أو شعاراً سياسياً عابراً، بل هو حق تاريخي وإنساني لا يسقط بالتقادم، وحق قانوني وأخلاقي لا يمكن التنازل عنه مهما تعثّرت المساعي، وهذا الحق لا يمكن أن يتحقق بالدعاء أو الأمنيات، بل بإرادة فلسطيينة موحدّة، ومشروع وطني يعيد ترتيب الأولويات، وبالعمل المنظّم، والرؤية الاستراتيجية الواقعية التي توازن بين الثوابت والضرورات.

المصدر : جنوبيات