السبت 14 حزيران 2025 16:07 م

حرب "الاسد الصاعد" في يومها الثاني: هجمات وتهديد متبادل


* جنوبيات

هل تشكل المحادثات النووية مع الولايات المتحدة الاميركية باب الخلاص لإيران لوقف الهجمات الاسرائيلية ضدها، وقد انهكتها وقضت على كبار علمائها النووين والعسكريين؟ سؤال يفرض نفسه بعدما انكشفت طهران امام عمق الخرق الاسرائيلي في داخلها عبر العمليات التي نفذها الموساد فأطل وزير خارجيتها عباس عراقجي معلناً ان "مواصلة المحادثات النووية مع واشنطن لا مبرر لها مع استمرار الهجمات الإسرائيلية"، ما يعني عمليا ان وقف الهجوم من تل ابيب يعني عملياً استئناف المفاوضات، ولكن بشروط واشنطن، فيتحقق ما كان يصبو اليه الرئيس دونالد ترامب.

حتى اللحظة لا يمكن التكهن بأي من السيناريوهات ستنتهي الحرب الايرانية- الاسرائيلية المفتوحة على مصراعيها ولا الى اين تتجه، ما دامت الهجمات الاسرائيلية متواصلة على مواقع عدة في إيران التي تطلق بدورها موجات جديدة من الصواريخ في اتجاه اسرائيل، والاتصالات الدولية لم تتوصل بعد الى ما يلجم الطرفين عن استكمال مسلسل دموي خطير يتهدد المنطقة بأكملها ويقودها الى حلقة مستمرة من الضربات والضربات المضادة، وينذر بحرب واسعة مفتوحة في الاقليم، خصوصا ان رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو أعلن أن هدفه الرئيسي هو تدمير القدرات النووية الإيرانية، لكنه أشار إلى عزمه على تغيير النظام الإيراني.

اسرائيل تتوعد: الجيش الإسرائيلي اعلن بعد الظهر إحكام السيطرة الجوية من غرب إيران حتى طهران، وافاد  إن 70 مقاتلة تقوم بعمليات من غرب إيران إلى طهران لإرساء "حرية العمليات الجوية"، بعدما  اعلن أن "الطريق لإيران بات ممهداً". وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن الجيش هاجم منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية في إيران.وأعلن وزير الدفاع  الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن" القوات الإسرائيلية ستستمر في تنفيذ هجمات على إيران واستهداف مواقع استراتيجية وفقا لخطط معدة مسبقا".وتوعد كاتس بأن "طهران ستحترق" إن أطلقت إيران صواريخ جديدة على بلاده. وقال إنّ "الدكتاتور الإيراني يحوّل المواطنين الإيرانيين إلى رهائن ويوجد واقعًا سيلزمهم وخصوصًا سكان طهران على دفع ثمن باهظ نتيجة الأضرار الإجرامية التي تلحق بالمدنيين الإسرائيليين". وقال  إن "النظام الإيراني تجاوز الخطوط الحمر بإطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية وسيدفع الثمن".

اغلاق مطار: وأغلقت السلطات الإسرائيلية مطار بن غوريون حتى إشعار آخر. وأشارت صحيفة "معاريف" الى أنه تم نقل كلّ الطائرات المدنية التابعة لشركات الملاحة الإسرائيلية إلى قبرص واليونان والولايات المتحدة.

غارات ورسائل: من جهتها، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن إسرائيل قصفت مصنعاً للسيارات في محافظة لورستان غربي البلاد. وأفادت بوقوع هجوم إسرائيليّ على مدينة قزوين الصناعية. والى وقوع انفجار في قاعدة عسكرية في إقليم كرمانشاه غربي إيران، كما وقع انفجار في مدينة آبادان في جنوب غرب البلاد. وأفادت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء، بأن إسرائيل شنت غارة قرب مصفاة تبريز.
وفي السياق، أعلن الجيش الإيراني أن قوّاته استهدفت مقاتلة F35 غربي البلاد والطيار قفز بمظلته. وفي السياق، أشار الجيش الإيراني الى ان مصير طيار المقاتلة الإسرائيلية F35 التي أسقطت "غير معروف".وعثر الأمن الإيراني على شاحنة استخدمتها عناصر الموساد الإسرائيلي لإطلاق الطائرات المسيّرة خلال الهجوم على إيران. كما عثر على شاحنة محمّلة بطائرات انتحارية بدون طيار من نوع FPV بمدينة مشهد.وأعلنت وكالة "تسنيم" مقتل 3 من الحرس الثوري الإيراني في هجوم إسرائيلي على مدينة زنجان.  كما عيّن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، مجيد موسوي مكان أمير علي حاجي زاده قائدا للقوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني. وأشارت وكالة "رويترز" عن عضو في البرلمان الإيراني، أن طهران تدرس بجدية إغلاق مضيق هرمز البحري.
وفي حين اعلنت  هيئة الطيران المدنيّ الإيرانية تمديد إيقاف الرحلات الجوية في البلاد حتى الثانية بعد منتصف ليل الأحد. أفادت وكالة "مهر" الإيرانية أن إيران وجّهت رسائل شديدة اللهجة إلى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، حذّرتها فيها من تقديم أي دعم عسكري أو استخباراتي لإسرائيل، ملوّحة بأن منشآتها في الشرق الأوسط ستُعتبر "أهدافًا مباشرة" لأي رد إيراني.وبحسب الوكالة، فإن طهران حذّرت أيضًا من إمكانية استهداف سفن تابعة لتلك الدول في حال تبين ضلوعها في دعم إسرائيل، ضمن تصعيد غير مسبوق في لهجة الخطاب الإيراني بعد موجة الضربات المتبادلة بين الطرفين.

إسرائيل تحشد على الحدود: الى ذلك، قامت إسرائيل بحشد عسكري كبير على الحدود مع لبنان وسوريا، بالتزامن مع شنّها غارات جوية على أهداف داخل إيران.وذكرت وسائل إعلام عبرية أنه جرت تعبئة ألوية الاحتياط في الجيش الإسرائيلي في الشمال، ونشر كتائب على طول حدود لبنان وسوريا.ووفقا لتقييم الوضع، تم خلال الـ24 ساعة الماضية، حشد مقر الفرقة 146 واللواء الاحتياط "القبضة الحديدية" (205) و "العتزيوني" (6)، والتي ستكون بمثابة احتياطي لسيناريوهات مختلفة في الساحة الشمالية.بالإضافة إلى ذلك، تم تجنيد ونشر عدة كتائب احتياط وبعض إدارات الدفاع في المجتمع على طول حدود لبنان وسوريا، من أجل تعزيز الدفاع.وأشارت صحيفة هآرتس نقلا عن مصادر في الجيش الإسرائيلي الى ان "حزب الله لا يتصرف بطريقة تشير إلى أنه ينوي مهاجمتنا".

اجتماع أمني: لبنانياً، واثر عودته الى بيروت عصر امس لمواكبة التطورات الدراماتيكية، رأس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في العاشرة قبل الظهر في قصر بعبدا، احتماعاً حضره وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى ،وزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار ،وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني، قائد الجيش العماد رودولف هيكل ، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء رائد عبدالله ، المدير العام للامن العام اللواء حسن شقير ، المدير العام لأمن الدولة اللواء ادغار لاوندوس ونائبه العميد مرشد الحاج سليمان، ،مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ،رئيس شعبة المعلومات العميد محمود قبرصلي، رئيس مكتب شؤون المعلومات في الامن العام العميد جوني الصيصا، والمستشار العسكري والأمني لرئيس الجمهورية العميد انطوان منصور.
وتم خلال الاجتماع عرض الأوضاع في ضوء التطورات الامنية التي نتجت عن المواجهات العسكرية بين الجمهورية الاسلامية الايرانية واسرائيل، والإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة تداعيات هذه المواجهات على الصعيد الامني، وكذلك ما يتصل بحركة الملاحة الجوية عبر مطار رفيق الحريري الدولي.وفي ضوء التقارير المتوافرة لدى الأجهزة الامنية تم اتخاذ عدد من الاجراءات للمحافظة على الاستقرار في البلاد وتأمين سلامة الطيران المدني والحركة الجوية. وشدد الرئيس عون على اهمية الجهوزية الامنية والإدارية لمتابعة الموقف من جوانبه كافة، لاسيما لجهة المحافظة على الاستقرار والامن في البلاد. وتقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لتقييم التطورات تباعاً.

استئناف الرحلات: وليس بعيدا، أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية، في بيان،عطفاً على إعادة فتح الأجواء اللبنانية أمام الملاحة الجوية، "استئناف تشغيل جميع رحلاتها المغادرة من بيروت والمجدولة بعد الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم، والتي ستعود بعد الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السبت".

رسامني يطمئن: ومنذ الصباح بعد استئناف الرحلات، شهد المطار زحمة وفوضى خصوصاً في ظلّ الضّغط على الخطوط وخدمة الـ"أونلاين". وحضر وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني  وجال في ارجاء المطار  للإطلاع على سير الأمور بعد  قرار إعادة فتح الاجواء، مؤكدا "أن لا قرار بإعادة إغلاق مطار بيروت إلا في حال حدوث أمر غير متوقع." وعن الزحمة التي يشهدها المطار، أشار رسامني الى ان "الفوضى طبيعيّة نتيجة إغلاق الأجواء وخلال ساعات قليلة يُحَلّ كلّ شيء والمطار سيبقى مفتوحًا إلا إذا طرأ طارئ خارج عن إرادتنا". وقال: "مَنّي فالل قبل حلحلة الأمور... باقي هون". وطمأن الى أنّ الوضع في لبنان آمن و"الصيفية هنا جميلة جداً".

دعم الرئيس والحكومة: على خط آخر، التأم سينودس أساقفة الكنيسة المارونية في دورته العادية من 4 إلى 14 حزيران 2025 في الكرسي البطريركي في بكركي بدعوة من الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وحضور المطارنة.وتلا المطران منير خيرالله البيان الختامي للسينودس، فأكد ان "لبنان يتعرض اليوم، وبعد خمسين سنة على اندلاع الحرب فيه، لأزمة خطيرة تهدّد كيانه وهويته وتضعه في مأزق وجودي مصيري بالغ الخطورة. ولكن علامات رجاء بدأت تظهر منذ بداية السنة الجارية مع انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس لمجلس الوزراء وتأليف حكومة جديدة. وقد وعدوا جميعهم ببناء دولة القانون وإعادة الثقة الى اللبنانيين. لذا يثني الآباء على إطلاق عجلة التشكيلات والتعيينات في الإدارة العامة والجسم القضائي والمؤسسات العسكرية والأمنية، إيذانًا ببدأ تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والمنتظرة من جميع اللبنانيين. ويجدّدون دعمهم لفخامة رئيس الجمهورية والحكومة آملين ان يستمرّوا في هذه المسيرة بوتيرة أسرع ويتخذوا القرارات الجريئة والصائبة.

أضاف: يدرك الآباء خطورة التحديات التي تواجهها الحكومة في إجراء الإصلاحات الهيكلية الأساسية التي من شأنها ان تُخرج البلاد من دوامة الإنهيار. والتي تتجلى في النقاط التالية: أولوية إعادة الودائع كاملةً، تنفيذ كامل وتام للقرار الدولي 1701، حصر السلاح بيد الدولة، إصلاح واستقلالية الجسم القضائي، إعادة الإعمار، إعادة هيكلة المصارف والدَيْن العام، إصلاح القطاع المصرفي والنظام الضريبي وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، تحسين بيئة الأعمال والإستثمار، وضبط المعابر الحدودية ومنع التهريب. لذا هم يتمنون النجاح للحكومة بالتعاون مع مجلس النواب ومع القوى السياسية والحزبية.وقال: يتابع الآباء باهتمام كبير تسارع الأحداث السياسية والديبلوماسية في الشرق الأوسط وما يمكن ان تنعكس تأثيراتها على لبنان. ويجدون في الدعم الدولي للبنان ولحكومته فرصة، لا يمكن أن تتكرر ولا يجب أن تضيع، بل ينبغي أن يستفيد منها أركانُ الحكم، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية، ويتخذوا خطوات جريئة وحازمة وحاسمة ينتظرها جميع اللبنانيين على صعيد تعافي الدولة وحصرية مرجعيتها في شؤونهم المصيرية والحياتية.وتابع: يلفت الآباء انتباه السياسيين والأحزاب والكتل النيابية الى الأهمية القصوى المعلّقة على متابعة تنفيذ وثيقة اتفاق الوفاق الوطني وسدّ الثغرات في ما نُفّذ منها استنسابيًا.وهذا يحتاج برأيهم الى إطلاق مسيرة وطنية لتنقية الذاكرة، كان من المفترض أن تحصل بين اللبنانيين بعد اتفاق الطائف لتضع حدًا نهائيًا للحرب. لهذا أعلنوا في حزيران من السنة الماضية عن تأليف لجنة أسقفية تعمل على تهيئة الأجواء ووضع خطة عمل وآلية التنفيذ والتواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين.

الراعي: وخلال ترؤسه قداس ختام أعمال السينودس قال الراعي في عظته: "نختتم أعمال هذا السينودس المقدس بأهم ما يعطينا الرب يسوع، يعطينا سلامه. وكم يؤلمنا ان هذا  السلام غائب عن أفكار وقلوب ونوايا رؤساء الدول القادرة، كما هي حال الحرب الضروس المدمرة بين إسرائيل وغزة، وبين إسرائيل وإيران. وكم من الأموال الطائلة تصرف بسخاء على السلاح والتسلح، بينما ملايين من الشعوب يموتون جوعا،وملايين آخرين يهجرون من بيوتهم  فاقدين جنى أعمارهم، ويعيشون في العراء بدون مال وثياب وغذاء. إن هذه الحرب وسواها مثل بين روسيا واوكرانيا وغيرها هي وصمة عار على جبين هذا الجيل".

المصدر :جنوبيات