الأحد 8 حزيران 2025 14:31 م

باريس تمهيداً لنيويورك


* جنوبيات

 

المؤتمر السياسي الذي ستستضيفه باريس، بمبادرة من عوفر برونشتاين، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، خلال الفترة 12 – 14 حزيران، هو لحظة سياسية فارقة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل الجمود السياسي المستمر والتطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط، حيث يهدف إلى إحداث تغيير جوهري بالنهج المتبّع تجاه القضية الفلسطينية.

يأتي المؤتمر كمحاولة لإرساء قواعد اعتراف دولي أوسع بالدولة الفلسطينية، بعيداً عن المفاوضات التقليدية المشروطة، ويتبنّى استراتيجية الاعتراف المتبادل بين الأطراف الفاعلة، حيث تعترف الدول الأوروبية، بما فيها دول مجموعة السبع G7، بالدولة الفلسطينية، مقابل اعتراف الدول العربية والإسلامية بدولة إسرائيل. 

يمكن اعتبار مؤتمر باريس خطوة تمهيدية نحو مؤتمر نيويورك المزمع عقده بمنتصف حزيران الحالي، برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، تحت شعار "حل الدولتين"، حيث أنّ السعي لدفع الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الأوروبيين ومجموعة السبع، كما سبق وذكرت، يوفّر شرعية سياسية تعزّز موقف فلسطين في مؤتمر نيويورك، كما أنّه يعمل على بناء نوع من التوافق الدولي، بجمعه (400) شخصية فلسطينية وإسرائيلية، وشخصيات سياسية من أوروبا والدول العربية، وبالتالي صياغة خطاب دبلوماسي مشترك، يشكّل قاعدة دبلوماسية جديدة للحوار، ويرسّخ تفاهمات دولية حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويرسم خارطة طريق عملية، ويحيّد الخلافات الأكثر تعقيداً، وقد يُستخدم هذا الخطاب المشترك لاحقاً في نيويورك.

كما أنّ وثيقة "دعوة باريس للسلام" التي ستتطرح في المؤتمر، والتي ستتناول قضايا إطلاق سراح الرهائن، وقف الحرب، وإعادة الإعمار، يمكن أن تكون نقطة انطلاق لمفاوضات أوسع في مؤتمر نيويورك.

إنّ نجاح مؤتمر باريس المأمول، قد يزيد الضغط على الولايات المتحدة، لاتخاذ موقف حاسم وواضح لدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر نيويورك. وبما أنّ المؤتمر لا يسعى لحل جميع القضايا المعقدة كالحدود، القدس، واللاجئين، كما صرّح برونشتاين، فإنّ ذلك يجعله خطوة تمهيدية أكثر قبولاً قبل التفاوض على التفاصيل الأكبر في نيويورك.

أمّا إسرائيل، فهي تعارض أيّ خطوة دولية نحو الاعتراف الرسمي بفلسطين، وتعتبر ذلك إضعافاً لموقفها التفاوضي، كما أنها قلقة من موجة اعتراف دولية قادمة بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي سيزيد من عزلتها، ويشكّل ضغطاً دولياً عليها لإنهاء الحرب في غزة، وتقديم تنازلات سياسية.

سيجعل نجاح مؤتمر باريس من مؤتمر نيويورك، فرصة لترجمة مخرجاته من تفاهمات وخطاب سياسي ودبلوماسي مشترك، إلى قرارات أممية أكثر قوة، مع وضع آليات لتنفيذها ضمن جدول زمني، وفرض واقعاً جديداً على إسرائيل.

المصدر : جنوبيات