![]() |
الأحد 1 حزيران 2025 23:05 م |
مقدمات نشرات الأخبار مساء الأحد 01-06-2025 |
* جنوبيات مقدمة تلفزيون "أن بي أن" جدول الأعمال اللبناني مُتخم بالملفات والهموم السياسية والدبلوماسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية. وإذا كان بعضها (ذاتَ أبعاد لبنانية داخلية فإن بعضها الآخر على تماس مع المشهد الإقليمي الممتدة وقائعه من فلسطين إلى سوريا وأميركا وإيران. وبدفع من هذه الوقائع يزور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي غداّ وبعد غد مصر ولبنان فيما قصد رئيس الجمهورية جوزاف عون بغداد في زيارة رسمية على جانب كبير من الأهمية. وحَمَل الرئيس اللبناني في الزيارة التي تندرج في إطار استكمال جولته على الدول العربية والخليجية سلة من الملفات التي بحثها مع المسؤولين العراقيين تتراوح بين الأمن والسياسة والإقتصاد في ضوء الدعم الذي يقدمه العراق للبنان في مجال الطاقة والكهرباء على وجه الخصوص أضف إلى ذلك المبادرة التي سجلها العراق خلال القمة العربية الأخيرة والمتمثلة بتقديم عشرين مليون دولار لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي. وقد ثمّن الرئيس اللبناني الدعم العراقي الحيوي للبنان قائلاً: يكفي عرفاناً منا لكم أن كل لبناني بات يؤمن فعلاً عند كل أزمة أن "الترياق من العراق" ليس قولاً مأثوراً بل فِعْلٌ محقَّق. وغاص رئيس الجمهورية في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني في عمق العلاقة الوجدانية العميقة بين البلدين مستشهداً بأبيات من الشعر (للجواهري) عن "لبنانَ غُرَفِ الجِنان الناضجاتِ بكل طِيبِ": وبأبيات أخرى للأخطل الصغير عن بغداد "شغفِ الجَمَالِ وملعبِ الغَزَلِ الطَّرُوبِ". وفي الملعب الداخلي إنشغالات عدة أحدثُها موضوع تجديد ولاية اليونيفيل العاملة في الجنوب وسط محاولات إسرائيلية لمحاصرة دور هذه القوات. وقد بَرَزَ في هذا الإطار إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكيل لجنة رسمية لصياغة رسالة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي تطلب التجديد من دون أي تعديل. ميدانياً لا تعديل في وتيرة الإعتداءات الإسرائيلية في الجنوب حيث نفذ الطيران المسيّر المعادي اليوم غارتين في أرنون -الشقيف وبيت ليف ما أدى إلى سقوط شهيد وجريح. وفي غزة نحوُ مئتي شهيد وجريح سقطوا في مجازر جديدة أقساها بغرب رفح حيث استهدف جيش الإحتلال الفلسطينيين خلال توجههم إلى مركز لتوزيع المساعدات الأميركية. وهكذا يحوّل العدو المراكز إلى مصائد للموت الجماعي وسط انسداد في الأفق السياسي الذي كان يعوّل عليه لتحقيق وقف لإطلاق النار في القطاع.
هذا الإنسداد عَكَسه الموفد الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف باعتبار رد المقاومة الفلسطينية على مقترحه الأخير غيرَ مقبول على الإطلاق. مورغان أورتيغاس الشغلُ الشاغل للبنانيّين هذه الأيام. فبعد تحديدِ مواعيدَ كثيرة لزيارة لها إلى لبنان لم تتحقّق، إذا بخبرٍ مفاجىءٍ يأتي عبر القناةِ الرابعةَ عشرة الاسرائيلية، وفيه أنّ أورتيغاس ستترك منصبَها قريباً كنائبةِ المبعوثِ الأميركي والمسؤولةِ عن ملف لبنان في إدارة الرئيس دونالد ترامب. وعليه، بدلا من السؤال التقليدي: متى تأتي اورتيغاس إلى لبنان؟ حلّت أسئلةٌ كثيرة مثل: هل ستترك اورتيغاس منصبَها حقاً؟ ومتى؟ ولماذا؟ وما تأثيرُ ذلك على لبنان؟ حتى الآن الخبرُ غيرُ رسمي، أي أنَّ الإدارةَ الأميركيّة لم تؤكّد الأمر ولم تنفِهِ، وخصوصاً أنَّ اليوم أحد، والإدارةُ الأميركيّة في عطلة. علماً أنّ أورتيغاس ستزور إسرائيل في اليومَين المقبلَين، وذلك برفقة الموفدِ الرئاسيِّ الخاص بالأزمة السورية توماس باراك وذلك للبحث في الوضع على الساحتَين اللبنانيّة والسوريّة. على أيّ حال، حتى ولو تغيّرت اورتيغاس، فإن الخطوطَ العريضة للسياسة الأميركيّة تجاه لبنان لن تتغيّر.
وفي المعلومات أنَّ الإدارة الأميركيّة أنجزت تصوّراً لإيجاد حلٍّ نهائي للوضع في لبنان يرتكز على التزامن بين الإنسحابِ الإسرائيليّ من النقاط الخمس وتسليمِ سلاحِ حزبِ الله، على أن يتبع ذلك إنجازُ الترسيم البري بين لبنان من جهة وإسرائيل وسوريا من جهة ثانية. في الأثناء، الرئيسُ السوري أحمد الشرع يواصل اطلاقَ مواقفِه المتقدّمة والجريئة. فهو قال إن عصر القصف المتبادل بين سوريا وإسرائيل يجب أن ينتهي، معتبراً أنّ للبلدين أعداءٌ مشتركين، ويمكنُهُما أن يلعبا دوراً رئيسيّاً في الأمن الإقليميّ. مواقف الشرع تُثبت مرةً جديدة أنّ سوريا الجديدة تفتح صفحةً جديدة في تاريخها، ما ينعكس ليس عليها فحسب بل على كلّ المنطقة وفي مقدّمِها لبنان. البداية من زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى العراق حيث أكد من بغداد أنّ الأمن في لبنان والعراق مترابط. اذا كان لغالبية الطبقة السياسية اللبنانية من موهبة تتقنها الى جانب الهرب الى الامام من مواجهة المشكلات المزمنة، فهي بلا اي منازع، اضاعة الفرص: عام 1989، شكل طرح القضية اللبنانية على حقيقتها امام المجتمعين العربي والدولي فرصة سانحة لسحب الجيوش المحتلة وحل الميليشيات والشروع في بناء الدولة، لكن سياسة المصالح المتشابكة بين تلك الطبقة والخارج اجهضت الامل الوليد، فكانت بداية عهد الوصاية السورية الذي لم يسقط الا عام 2005.
وعام 2005، كاد انسحاب الجيش السوري من لبنان يتحول فرصة ثمينة لقيام دولة الاستقلال الثاني، لكن التحالف الرباعي اعاد البلاد الى النقطة الصفر واقحمها في سياسة المحاور والوصايات المتضاربة والمتنافسة شرقا وغربا على ارضه وصولا الى عام 2016. وحتى 17 تشرين كان يمكن ان يكون فرصة بالتشارك بين المعترضين والسلطة التي كانت قائمة. غير ان الشعارات الغوغائية والاشارات الخارجية حققت غايتها باسقاط الهيكل على من فيه. اما فرصة اليوم، التي شكلها انبثاق سلطة جديدة بداية عام 2025، بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، فثمة مؤشرات جدية وخطيرة الى عمل جدي لتطييرها. فتدفق الوعود غير القابلة للتطبيق من جهة، والاعيب بعض الاحزاب الممثلة في الحكومة من جهة اخرى، فضلا عن غياب الوضوح في التعامل مع ملفات الجنوب والسلاح الفلسطيني والعلاقة مع سوريا والنزوح والملف المالي والاصلاح، معطوفا على ضغوط دولية مرشحة للارتفاع… كل ذلك كفيل بدق ناقوس الخطر وقرع جرس الانذار…
كل اللبنانيين يريدون الخلاص، ويريدون للسلطة الجديدة ان تنجح كي تحقق الخلاص… فاحذروا من تفويت الفرصة من جديد، لأن المتربصين معروفون واصحاب النوايا السيئة يكشرون عن انيابهم على مرأى الناس ومسمعهم كل يوم.
زيارةٌ على بيوتِ شعر.. نَظَمَها رئيسُ الجمهورية العماد جوزاف عون إلى بغداد، مستلقياً فيها عند بحورِ ومُفاعلاتِ مُحمد مهدي الجواهري شاعرِ العراق الأكبر نسيمُ بغداد السيّاب وبلادُ ما بين الشاعرين أَوحت لعون بالدخولِ إلى "بيتِ القصيد" من عتَباتِ الجواهري.. ومنه نحوَ بيروتَ وبغداد والشام معلناً عن تنسيقِ الامنِ الثلاثي المترابط لضبطِ الحدود، ومقترحاً قيامَ نظامِ المصلحةِ العربيةِ المشتركة شكرَ عون دولةَ العراق على كلِ ما سَلَف وقال إنّ اللبنانيينَ لن يَنسَوا المبادراتِ الكريمة، لاسيما إرسالياتُ النِفط التي ساعدتْ على توفير حلولٍ عملية لأزمةِ الكهرَباء والطاقة بشكلٍ عام انتَهت الزيارةُ الخاطفة والتي هندسَ خطوطَها المديرُ العامّ للامنِ العام اللواء حسن شقير ليعودَ الرئيس الى بيروت الواقعةِ على فالقيْن من نار وإعادةِ إعمار وعَلِمت الجديد أن لقاءً سيُعقد بينَ الرئيسين نبيه بري ونواف سلام بعدَ تصاعُدِ مطلبِ الثنائي لتحريكِ الحكومة في مِلفِ إعادةِ الاعمار. ما هو مؤكد حتى الساعة، ان تغييرات ٍ ستحصل في مهام ِ اعضاء مكتب المبعوث الرئاسي الخاص الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف، وانَّ بين هذه المهام قد تأتي تلك المتعلقة بمورغان اورتاغوس وعملِها في لبنان. اسباب التغييرات، لا سيما تلك المرتبطة باورتاغوس,اذا حصلت، سياسية داخلية اميركية، وكلُّ ما يحكى على الطريقة اللبنانية لا يتعدى الروايات البعيدة َ من الحقيقة. ليس مهما اليوم، لماذا اصبحت او قد تصبح اورتاغوس خارج َالصورة اللبنانية، وما هي المهام التي ستعطى لها، لكن الاهم ما هي انعكاسات هكذا قرار على مستقبل لبنان. في حال اصبجت اورتاغوس خارج الصورة، يمكن القول إن اهمية الملف اللبناني تراجعت في الادارة الاميركية، اما مَن قد يخلف المبعوثة الاميركية فغيرُ واضح. فإما تستبدل بشخص ٍ تتضح صورته لاحقا. وإما يسلم الملف الى توم باراك، السفيرِ الاميركي في تركيا، ومبعوث ترامب الى سوريا. مهما حصل، لبنان بدأ يذوب امام سوريا، صاحبة الاوراق الرابحة في سرعة التحرك واتخاذ القرار وتنفيذه، وصاحبة ِ القدرة على اجتذاب الولايات المتحدة، السعودية وقطر وغيرها من الدول الخليجية والعربية والاوروبية، الى الاستثمار فيها، على قاعدة تعزيز ِالاقتصاد وبناء ِدولة ذات شراكات اقتصادية بعيدة عن المساعدات. وبالنتيجة، نكون مجددا خسرنا فرصة ذهبية، يتحمل مسؤوليتها، اليوم ومستقبلا، كل من تباطاء او عرقل ترجمة الاقوال الى افعال في تطبيق القرار 1701 وحصرية السلاح وتحقيق الاصلاحات، واصر على تركنا متسولين امام فتات المساعدات. الهامش اصبح ضيقا جدا، وتفاصيل اكثر عما يحصل في واشنطن وتداعياته على لبنان مع مديرة مكتب الشرق في واشنطن الزميلة هبة نصر. المصدر :جنوبيات |