عربيات ودوليات >أخبار دولية
"الأسواق تترقب" و"البنوك تتريث" أسبوع حاسم للسياسات النقدية العالمية
"الأسواق تترقب"  و"البنوك تتريث" أسبوع حاسم للسياسات النقدية العالمية ‎الأربعاء 18 06 2025 09:05
"الأسواق تترقب"  و"البنوك تتريث" أسبوع حاسم للسياسات النقدية العالمية

جنوبيات

 

تشهد الأسواق العالمية هذا الأسبوع ترقباً غير مسبوق لقرارات عدد من البنوك المركزية الكبرى، وسط مشهد اقتصادي وسياسي متقاطع ومعقّد، يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتقلبات الأسواق، وعودة شبح الحروب التجارية التي أشعلتها سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

تواجه المؤسسات النقدية تحدّيات متزايدة في سعيها للحفاظ على الاستقرار المالي، وسط بيئة عالمية تتسم بالتحولات المفاجئة والتطورات غير المتوقعة. الرسوم الجمركية، تقلبات أسعار النفط، إلى جانب البيانات المحلية المتباينة، كلها عوامل ترخي بظلالها على اجتماعات البنوك المركزية وتدفع باتجاه تبني سياسة “الانتظار والترقب” بدلاً من المغامرة بخطوات غير محسوبة.

وتزداد حساسية المستثمرين هذا الأسبوع تجاه أي تلميحات تصدر عن مسؤولي السياسة النقدية، خصوصًا في ما يتعلق بمستقبل أسعار الفائدة، وتحديداً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. فالمراقبة لا تقتصر على القرارات فقط، بل تمتد إلى لهجة الخطابات وتوجهات لجان السياسة النقدية.
من طوكيو إلى واشنطن، تشير التوقعات إلى أن معظم البنوك المركزية ستحافظ على معدلات الفائدة من دون تغيير، في محاولة لتقييم الأثر الكامل للاضطرابات التجارية العالمية. ويبدو أن هناك شعورًا عامًا بالجمود في صفوف صانعي القرار، نتيجة الضغوط المتزايدة من مخاطر التضخم وتباطؤ النمو.
وتتزامن هذه التطورات مع توترات متجددة في الشرق الأوسط وارتفاع في أسعار النفط، مما يزيد من صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة، ويضيف عبئاً إضافياً على مؤشرات التضخم والنمو في الاقتصادات الكبرى.

تشهد الأيام المقبلة قرارات مهمّة من ثلاثة بنوك مركزية رئيسية:
• البنك المركزي الياباني: استهلّ الأسبوع بقرار الإبقاء على الفائدة من دون تغيير.
• الاحتياطي الفيديرالي الأميركي: تصدر قراراته يوم الأربعاء، وسط ترقب كبير بعد مرور 150 يوماً على تولي ترامب السلطة.
• بنك إنكلترا: تتجه الأنظار إليه يوم الخميس، من دون مؤشرات على تغيير جوهري في السياسة النقدية.
الاستثناء المحتمل يأتي من البنك الوطني السويسري، الذي قد يُقدم على خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة أساس.
في الولايات المتحدة، جاءت بيانات التضخم وسوق العمل، خصوصاً أرقام أسعار المستهلكين والمنتجين، دون التوقعات، مما عزز احتمالات خفض الفائدة مستقبلاً. وتتوقع الأسواق خفضًا بمقدار 0.25% في أيلول/سبتمبر، وربما إجمالي خفض يصل إلى 0.50% خلال العام الحالي.

لكن رغم الضغوط السياسية المتزايدة على رئيس الاحتياطي الفيديرالي جيروم باول، خاصة من قبل الرئيس ترامب، فإن التوقعات تشير إلى أن الفيديرالي سيُبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير هذا الأسبوع. ووفقاً لمؤشر FedWatch التابع لمجموعة CME، لا توجد إشارات فعلية لاحتمال خفض الفائدة حالياً.


جادل ترامب مراراً بأن معدلات الفائدة المرتفعة تُثقل كاهل الاقتصاد الأميركي، مما يعوق قدرة الشركات والمستهلكين على الاقتراض. وهذا، بحسب ترامب، يقلل من القدرة التنافسية للاقتصاد الأميركي على المستوى العالمي.

الوضع ليس أفضل في بريطانيا، حيث أظهرت بيانات حديثة تراجعًا في معدلات التضخم وانكماشًا اقتصادياً خلال الشهر الماضي، مما قد يمهّد الطريق أيضًا لخفض محتمل في أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.

ومع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي وغياب هامش التحرك أمام أغلب الأميركيين والبريطانيين، تبقى البنوك المركزية أمام تحدٍ بالغ التعقيد: كيفية إدارة المرحلة المقبلة من دون التسبب بإرباك إضافي للأسواق أو للاقتصاد الحقيقي.

في وقتٍ تموج فيه الساحة الاقتصادية العالمية بعدم اليقين، تبقى السياسات النقدية حذرة، ومواقف البنوك المركزية أقرب إلى التريث منها إلى الحسم. وبين التحديات الجيوسياسية والضغوط الداخلية، يبدو أن العام الجاري سيشهد مزيداً من الترقب، وربما بعض المفاجآت غير المتوقعة.

جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets

المصدر : جنوبيات