بأقلامهم >بأقلامهم
"الأصنام البشريّة"!
"الأصنام البشريّة"! ‎الثلاثاء 17 06 2025 17:53 القاضي م جمال الحلو
"الأصنام البشريّة"!

جنوبيات

هذه القصّة أخبرنيها جدّي لوالدي "طيّب الله ثراه" فقد كان يعلّمنا حسن التصرّف، ومخالطة النّاس بالخلق الحسن. 

يُحكى أنّ رجلًا من البادية صادف أعرابيًّا عند بئر ماء. 
فلاحظ الرّجل أنّ حمل البعير كبير، فسأل الأعرابيّ عن محتواه، فقال: 
هو كيس يحتوي على المؤونة. أمّا الكيس المقابل فيحتوي على تراب ليستقيم الوزن من الجهتين. 
فقال الرجل: 
لمَ لا تستغني عن كيس التّراب وتنصف كيس المؤونة في الجهتين؟
 فتكون قد خفّفت الحمل على البعير. فقال الأعرابيّ: 
صدقت!
 وفعل ما أشار إليه الرجل.
 ثمّ عاد ليسأله:
 هل أنت "شيخ قبيلة" أم "شيخ دين"؟ فأجاب الرّجل:
 لا هذا ولا ذاك، بل رجل من عامّة النّاس. عندها قال الأعرابيّ: 
قبّحك الله، لا هذا ولا ذاك، ثمّ تشير عليّ بالنّصيحة.
 وقام بإعادة حمولة البعير كما كانت.

هكذا هم أغلب النّاس، لا تهمّهم الأفكار وإن كانت صائبة، بقدر ما يهمّهم الأشخاص والألقاب "المصدّرة لتلك الأفكار" وإن كانت على خطأ.

فتقديس الأصنام البشريّة، والطّاعة العمياء لكلّ الأفكار والأعمال والأقوال الهدّامة كانت سببًا لضياع الأمّة وتخلّفها.

وفي وطن العجائب والغرائب، والضّمير الغائب، والتّسلّط الغالب، متى نستفيق من غياهب الجهل، واللحاق بدرب الزّعامة الخرقاء، كي نستعيد شيئًا من الكرامة الضّائعة على أبواب المذلّة.
لعلّنا من الغفلة نفيق...

المصدر : جنوبيات