لبنانيات >أخبار لبنانية
التجديد لـ"اليونيفل" يدخل مدار الضغوط الخارجية ويرفع منسوب التجاذب حول دورها
التجديد لـ"اليونيفل" يدخل مدار الضغوط الخارجية ويرفع منسوب التجاذب حول دورها ‎الأربعاء 11 06 2025 08:31
التجديد لـ"اليونيفل" يدخل مدار الضغوط الخارجية ويرفع منسوب التجاذب حول دورها

جنوبيات

مع اقتراب موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، تتزايد الضغوط الخارجية والداخلية، ويرتفع منسوب التجاذب حول دور هذه القوات وصلاحياتها. 
ما من شك أن استحقاق التجديد هذه السنة يختلف عن كل السنوات السابقة، خصوصاً أنه يأتي بعد حرب واسعة شنّتها إسرائيل على لبنان، وسعت من خلالها إلى تغيير كل المعادلات، وفي ظل إدارة أميركية جديدة مواقفها معروفة بالتشدد، إذ أنه وكما هو معروف فطوال سنوات ولاية الرئيس دونالد ترامب السابقة كانت هناك مساعٍ في واشنطن لتوسيع صلاحيات اليونيفيل، مع التلويح بوقف تمويلها، وهذا ما يتكرر في هذه المرحلة، مع فارق أن إسرائيل تحتل أراضي لبنانية، وتقيم منطقة عازلة تمنع من خلالها الاهالي من العودة إلى أراضيهم ومنازلهم. 
تدور في هذه الايام نقاشات حادة في لبنان، وخاصة في المناطق الجنوبية، حول دور قوات «اليونيفل» في المنطقة واحتمالية سحبها في المستقبل، وقد أثارت الحوادث المتكررة بين الاهالي ودوريات «اليونيفل» والتي كان آخرها امس في دير قانون النهر، تساؤلات كبيرة بشأن فعالية وجود هذه «القوات» في الجنوب ومدى استمرار تفويضها في ظل التوترات المتزايدة. فما هي حقيقة هذا الصراع؟ وما هي الأبعاد السياسية والعسكرية التي قد تؤثر في القرار المرتقب بشأن وجود قوات اليونيفل في لبنان؟ 
لا بد من الاشارة في هذا السياق أن قوات «اليونيفل» تأسست في عام 1978 بقرار من الأمم) بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وذلك بهدف تنفيذ القرار 425 الذي نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، والهدف الرئيس لهذه القوات كان الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، ومراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
على مر السنين، شهدت «اليونيفل» العديد من التطورات في مهمتها، فقد تم تعزيزها في عام 2006 بعد حرب تموز بين إسرائيل وحزب الله، حيث تم توسيع التفويض الأممي لتمكينها من ممارسة مهام إضافية مثل مراقبة الحدود البرية والبحرية.
يوجد اليوم حوالي 15,000 جندي من قوات «اليونيفل» في جنوب لبنان، يتوزعون على 3 مناطق رئيسية، ويعتمدون على اتفاق مع الدولة اللبنانية لتنسيق عملياتهم مع الجيش اللبناني، إلا أن هذا التفويض الأممي الذي استمر لعقود يواجه تحديات متزايدة من الأطراف المحلية.

في الأسبوعين الماضيين، شهدت اكثر من منطقة في الجنوب اللبناني أحداثًا تمثل حالة من التوتر المتصاعد بين قوات اليونيفل والأهالي، فقد نشبت مواجهات بين الطرفين بسبب قيام اليونيفل بمحاولة القيام بدوريات داخل القرى من دون وجود اي قوة من الجيش اللبناني معها، وهو ما رفضه الأهالي الذين منعوا آليات اليونيفل من إتمام مهمتها، مما أدى إلى وقوع مواجهات بالأيدي بين الطرفين.
وقد عبر العديد من المواطنين عن استيائهم مما وصفوه بـ «التدخلات الأممية» في شؤون المنطقة و»التجاوزات» التي تقوم بها اليونيفل في مناطقهم دون التنسيق الكافي مع الجيش اللبناني بل إن هناك من اعتبر أن هذه القوات أصبحت «غير مرحب بها» في المناطق التي كانت تؤدي فيها مهماتها سابقًا.
ان أحد الأسباب الجوهرية للتوتر هو تداخل مهام اليونيفل مع مهام الجيش اللبناني، حيث يرى البعض أن دور القوات الدولية قد حّد من قدرة الجيش اللبناني على ممارسة سلطته في الجنوب، وفي بعض الحالات، يعتقد الأهالي أن «اليونيفل» تضع عراقيل أمام الجيش اللبناني، مما يثير تساؤلات حول هذا السلوك المستجد بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة.
هذه المواجهات التي تتكرر هذه الأيام أعادت الى الواجهة الحديث عن مصير «اليونيفل» في الجنوب في ظل حديث عن عدة سيناريوهات محتملة بشأن هذا الأمر:

قد تتجه الأمم المتحدة إلى إبقاء قوات اليونيفل في الجنوب ولكن مع تعديلات في التفويض والمهام. قد يتم التركيز على تعزيز التنسيق مع الجيش اللبناني وتوسيع التعاون مع السلطات المحلية لتجنب الاحتكاك المباشر مع الاهالي.
وفي حال استمرت التوترات بين اليونيفل والأهالي، قد يتم اتخاذ قرار بتخفيض أعداد القوات تدريجيًا، مع تقليص صلاحياتها في بعض المناطق التي تشهد مواجهات شديدة مع الأهالي.
اما في حال فشلت الحلول الوسط، فقد يتم اتخاذ قرار بالانسحاب الكامل لقوات اليونيفل من الجنوب اللبناني، وهو سيناريو قد يتسبب في مخاطر أمنية على المدى القصير، خصوصًا في ظل غياب بديل فعّال، وهذا ما تريده اسرائيل، ولا تمانع حصوله الولايات المتحدة الاميركية.
وهذا الانسحاب ان حصل فقد ينجم عنه مخاطر احتمالات التصعيد بين لبنان وإسرائيل، لأنه في حال انسحبت «اليونيفل» من الجنوب، قد تزداد المخاوف من أن يصبح الوضع الحدودي أكثر توترًا، ما قد يؤدي إلى حرب جديدة، لأنه من دون وجود مراقب دولي ثابت، قد يتزايد النشاط العسكري الاسرائيلي في الجنوب ، بشكل يهدد استقرار لبنان.

المصدر : جلريدة اللواء - حسين زغلوط