بأقلامهم >بأقلامهم
فخ توزيع المساعدات
فخ توزيع المساعدات ‎الأربعاء 4 06 2025 21:42 هبه بيضون
فخ توزيع المساعدات

جنوبيات

إنّ إسناد توزيع المساعدات لشركة أميركية تحت شعار الإنسانية، حيث أنها تعرف باسم "مؤسسة غزة الإنسانية" Gaza Humanitarian Foundation (GHF)، ما هو إلّا فخ لاصطياد مزيد من الفلسطينيين ودفعهم للتهجير، حيث تم تأسيس الشركة في شباط 2025، ومقرها الرئيسي في جنيف، سويسرا، كما أنّ إنشاءها جاء بدعم أميركي إسرائيلي، وفق تحقيقات استقصائية.

إنّ التأسيس المفاجىء للشركة يشير إلى أنها أداة مستحدثة لتغيير قواعد توزيع الإغاثة، فهي شركة بدون تاريخ ولا خبرة. كما أنه لا توجد أيّ معلومات واضحة عن الجهات التي تديرها، وحصلت على الدعم الصهيوني والأميركي دون إشراك منظمات إغاثية دولية معروفة، ما يعني غياب الشفافية حول إدارتها وتمويلها. وعلى الرغم من امتلاك الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية تاريخاً طويلاً بالعمل في غزة، إلّا أنه تم استبعادها لصالح شركة حديثة التأسيس، تم اختيارها كبديل عن الأونروا والمنظمات ذات الخبرة.

وبما أنّ مقر الشركة في جنيف، أفترض أو من المنطقي أنّها مكان تسجيلها، بدلاً من أن يكون في الولايات المتحدة، أو في فلسطين، في محاولة لإضفاء صبغة دولية عليها، لإبعاد الشكوك حول ارتباطها الوثيق بالاحتلال، حيث أنّ اختيارها مكاناً بعيداً عن التجمعات البشرية في غزة، وكذلك آلية التوزيع، تشير إلى أصابع الاحتلال، وليس لأصابع إنسانية، حيث يتم توجيه المساعدات الى مناطق يحدّدها الجيش الإسرائيلي، وليس وفق معايير إنسانية شفافة، تراعي وضع الغزيين، بمعنى أنّ الاحتلال هو من يتحكم بعملياتها اللوجستية.

إذن، لم يتم اعتماد شركة ذات خبرة، لضمان السيطرة الكاملة للاحتلال على الإغاثة، والتحكم بتوزيع المساعدات وفق أجندته السياسية، ولإقصاء الأونروا التي استهدفها الاحتلال بالعديد من الإجراءات، وكذلك المنظمات الدولية، ما يعكس النية المسبقة بإعادة تشكيل المشهد الإغاثي، ولإضعاف أيّ جهد دولي، فبدلاً من اعتماد منظمة أو منظمات لها مصداقية، تم فرض هذه الشركة الناشئة والتي لا تمتلك سجلاً سابقاً، ما يضعف الجهود الإنسانية الحقيقية.

الأهم أنّ الآلية التي تتبعها وتفرضها الشركة بتوزيع المساعدات، تعتمد على دفع الأهالي الى مناطق محدّدة وبعيدة، عبر فرض الاستلام منها بطريقة تخدم خطط الاحتلال المتعلقة بالتهجير، وتفريغ المناطق من السكان، وتحويل تلك النقاط التوزيعية الى مصائد موت، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بالرصاص أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات، ما أدّى إلى وقوع مجازر بحق المدنيين، واستشهاد وجرح العشرات، بعد أن تم توجيههم إلى مناطق يُفترض أنها آمنة، استكمالاً للإبادة الجماعية، ما يعكس خطة ممنهجّة، وفي محاولة لخلق حالة من الرعب والفوضى، وإضعاف الروح المعنوية للسكان أكثر وأكثر، وإجبارهم على الاستسلام للواقع المفروض، ودفعهم للتهجير. 

كل ما سبق هو مؤشرات داعمة لفرضية أنّ هذه الشركة هي مجرد أداة سياسية بيد الاحتلال، وليست مؤسسة إنسانية حقيقية، بل بقناع إنساني، وهي جهة مشبوهة وغير شفافة، وتدار من قبل عناصر إسرائيلية بشكل خفي، كما تمّ اختيارها دون مناقصة، أو تنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية، ما يثير شكوكاً حول أهدافها الحقيقية.

أدعو لتحقيق دولي حول دور هذه الشركة، وضرورة إعادة توزيع المساعدات عبر جهات محايدة ومعروفة لضمان وصولها إلى المنكوبين في غزة بأمان.

المصدر : جنوبيات