لبنانيات >أخبار لبنانية
التشكيلات الديبلوماسية اقتربت: الخلاف على المواقع الكبرى
التشكيلات الديبلوماسية اقتربت: الخلاف على المواقع الكبرى ‎الجمعة 30 05 2025 09:48
التشكيلات الديبلوماسية اقتربت: الخلاف على المواقع الكبرى

ندى أيوب

منذ ثلاثة أسابيع، وبند التشكيلات الديبلوماسية يطرح ليكون مدرجاً على جدول أعمال مجلس الوزراء. لكنّ خلافات قوية بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجّي، تؤدي إلى تجميد البحث وتأجيل عرضه على الوزراء. ويتركز الخلاف على السفارات في العواصم الكبرى، وهي التي غالباً من يشغلها يتمّ اختياره من قبل المسؤولين الكبار، ويكون المحظيون من خارج الملاك.

ومع ذلك، فإن رئيس الجمهورية قال على هامش جلسة الحكومة أمس، إنه يريد التسريع في بتّ التشكيلات، خصوصاً القرار بإعادة الدبلوماسيين من الخارج إلى الإدارة المركزية، قاصداً الذين مر أكثر من 12 سنة على وجودهم في الخارج، وسط توقعاتٍ بأن يتم التوافق على مخرج، يُتيح وضع البند على جدول أعمال أوّل جلسةٍ قادمة لمجلس الوزراء. خصوصاً وأن الخلاف انحسر ليقف عند «أسماء من يمثّل لبنان، في نيويورك بصفة مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، وفي واشنطن وباريس والفاتيكان».

بحسب التوزيع الطائفي، فإن رئاسة بعثة لبنان في واشنطن هي من حصة الطائفة المسيحية، ويعتبر رئيس الجمهورية أن له كلمة في اختيار سفير لبنان هناك. وفيما يذهب موقع مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة إلى الطائفة السنيّة، إلا أنّ التشاور قائم بين عون وسلام، بحيث لن يكون الاختيار لسلام بشكلٍ منفرد.

خاصّة وأنّ حساسية الموقع ازدادت ربطاً بمتطلبات الظرف السياسي الذي يمرّ به البلد بعد العدوان الإسرائيلي، وهو ما سيرتّب على بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة مجموعة مهام حسّاسة متّصلة بتطبيق اتفاق الـ1701، وبمتسقبل عمل قوات حفظة السلام «اليونيفيل». إضافة إلى ملف ترسيم الحدود مع العدو، وغيرها من الملفات ذات الصلة.

وفي حين تردّد اسم صالح المشنوق، لتولي هذا المنصب، بوعدٍ من سلام، تستبعد أوساط معنية، أنّ يكون الطرح «جدي»، واضعةً إياه في خانة «الوعود الكثيرة التي وزّعها سلام على محيطين به، عشية وصوله إلى رئاسة الحكومة».

وفي ما خصّ المواقع الأخرى، عُلم أن عون طرح اسم نجاد فارس لترؤّس بعثة لبنان في واشنطن، ونجاد، هو نجل نائب رئيس الحكومة الأسبق عصام فارس. وتربط العائلة علاقات طويلة مع بارزين في الحزب الجمهوري، إضافة إلى عدد كبير من أعضاء الكونغرس ومسؤولين في الإدارة الحالية. كما يشغل فارس الابن، منصب نائب رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان.

أما بالنسبة إلى باريس، فقد رشّح عون مستشاره القانوني، ربيع الشاعر، لرئاسة البعثة في باريس، إلا أنّ امتلاك الشاعر للجنسية الفرنسية طرح إشكالية ستحول دون تولّيه المنصب. فيما يدعم سلام، ترشّح مديرة مكتبه هند درويش لتولي بعثة لبنان في «الأونيسكو».

التشكيلات الديبلوماسية التي لم يشهدها لبنان منذ ثماني سنوات، كانت محل انتقادٍ من سفراء لبنان في الخارج، الذين اعترضوا على إعادتهم جميعاً إلى الإدارة المركزية في بيروت.

وفيما يصرّ رجّي على تطبيق القانون لجهة إعادة ما يفوق عن الـ40 سفيراً، ممّن أتمّوا المدّة القانونية لبقائهم في الخارج وهي 10 سنوات، علماً أن جزءاً كبيراً من السفراء تخطّوا هذه المدّة القانونية، وبعضهم لا يزال في الخارج منذ أكثر من 16 عاماً. فيما يقول القانون، إنه في تمديد مهمة السفير فوق مدّة العشر سنوات، يتطلّب قراراً من مجلس الوزراء، بناءً على طلب وزارة الخارجية، وإن التمديد يكون لسنة واحدة قابلة للتجديد.

لكن عدم الانتظام العام، في السنوات الأخيرة، واستهلاك حكومات تصريف الأعمال شهوراً طويلة، ودخول لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي، دفعت إلى عدم البتّ بالتشكيلات الديبلوماسية، وصار التمديد قائماً من دون قرار حكومي.

والبارز في هذا الجانب، أن الذين يشملهم قرار العودة، يطرحون على الوزارة إعادتهم على دفعتين: الدفعة الأولى، تشمل السفراء الذين أمضوا 15 عاماً وما فوق.

والدفعة الثانية، تشمل إعادة الذين أمضوا أقل من 15 عاماً، على أن تُطبق بعد عامين. وهو اقتراح رفضه الوزير رجي، وأصر على إعادة الجميع، متبنّيا قاعدة تقول بأن النقص الكبير الذي سيحصل على مستوى عدد موظفي الفئة الأولى المطلوب تولّيهم بعثات في الخارج، يمكن تغطيته عبر تعيين ديبلوماسيّي الفئة الثانية، مكانهم بعد ترفيعهم ومنحهم رتبة سفير.

لكن عودة هذا العدد الكبير من موظفي الفئة الأولى إلى الإدارة في بيروت، ستخلق واقعاً لا سابق للوزارة بالتعامل معه. وتعترف الأوساط الديبلوماسية بأنّ «التشكيلات بشكلها الحالي، ليست بالمثالية، وسبب ذلك انعدام حصولها لثماني سنوات، ما يجعل من غير الممكن معالجة المشكلة بكل جوابنها من المحاولة الأولى». وتراهن الأوساط نفسها على أنّه يفترض بمجلس الوزراء وتطبيقاً للقانون، أن يُنجز مشروع تشكيلات ديبلوماسية جديدة. بعد عامين، يكون من شأنها تصويب جزء من المسار الذي تعذّر تصويبه حالياً مئة في المئة.

يشار، إلى أن التشكيلات الدبلوماسية، كان يفترض أن تحصل بين العامين 2019 و2020، لكنّ حراك 17 تشرين، ودفعه حكومة الرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة، أطاحا بالمشروع. فيما امتنعت حكومة الرئيس حسان دياب عن اتّخاذ أي قرارات مهمة على هذا الصعيد.

وفي أيلول 2021، شكّل الرئيس نجيب ميقاتي حكومة جديدة بقيت مستمرة حتى تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أيار العام 2022، وكان يفترض بها إنجاز التشكيلات، لكن ذلك لم يحصل، وبعدما دخلت مرحلة تصريف الأعمال، من أيار 2022، إلى انتخاب الرئيس جوزيف عون، وتشكيل الحكومة الحالية، لم يجرِ البت بالملف.

ونتيجة لذلك، فإنه منذ العام 2017 وحتى تاريخه، يوجد في وزارة الخارجية في بيروت، حوالي 10 سفراء، تعذّر تشكيلهم، وقد تحمّلوا دون غيرهم من السفراء، تبعات الانهيار المالي، وانعكاسه على رواتبهم التي تدنّت قيمتها إلى حدود 200 دولار مع بداية الانهيار، وبعد محاولات تصحيحها وصلت إلى حدٍ أقصى يبلغ 1300 دولار، في حين أن السفراء الذين يعترضون على إعادتهم من الخارج، خوفاً من بقائهم لمدّة تفوق العامين في الإدارة المركزية (هي المدة القانونية لبقائهم في بيروت) يتقاضون رواتب تفوق الـ10 آلاف دولار.

المصدر : الأخبار