بأقلامهم >بأقلامهم
هل تحمل زيارة ترامب للمنطقة مفترق طريق؟
هل تحمل زيارة ترامب للمنطقة  مفترق طريق؟ ‎الجمعة 9 05 2025 15:25 د. عبد الرحيم جاموس
هل تحمل زيارة ترامب للمنطقة  مفترق طريق؟

جنوبيات

 

تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة بالغة التعقيد والتقلّب، تتقاطع فيها مشاريع النفوذ الإقليمي والدولي مع تصاعد غير مسبوق في العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة، وبينما يترنّح النظام الإقليمي العربي أمام أزمات داخلية وصراعات مفتوحة، تلوح في الأفق زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، تشمل العربية السعودية والإمارات وقطر، في توقيت بالغ الحساسية، يُعيد طرح السؤال التاريخي: هل ما زال هناك أفق لسلام عادل في هذه الأرض المشتعلة؟ 

أم أن ما يجري هو تثبيت لخرائط نفوذ جديدة على أنقاض الشعوب؟
عدوان لا يتوقف وصمت دولي مستمر، منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرّض له  قطاع غزة و  لحرب إبادة شاملة، حصدت أرواح أكثر من 70 ألف شهيد ومئة وخمسين الف جريح ، وشرّدت أكثر من مليونَي فلسطيني، وسط دمارٍ غير مسبوق لبنى الحياة والمجتمع.
 وتمارس إسرائيل عدوانها تحت غطاء دولي مكشوف، مستندة إلى دعم عسكري وسياسي من الولايات المتحدة وبعض دول الغرب، وسط عجز مريع في المؤسسات الدولية، وفجور إعلامي يسوّق للرواية الإسرائيلية على حساب الحقيقة.
تُدار الحرب الإسرائيلية اليوم بمنطق العقوبة الجماعية والتطهير العرقي، وليس بصيغة نزاع سياسي،  وهذا التحوّل يحمل مخاطر استراتيجية تتجاوز فلسطين لتشمل مستقبل الأمن الإقليمي بكامله.
لم تعد فلسطين عنوانًا عاطفيًا فقط في الشارع العربي، بل أصبحت مجددًا بوصلة الوعي الشعبي وامتحانًا للأنظمة، رغم من خفوت الخطاب العربي الرسمي.
زيارة ترامب:  في  تأتي  في سياق حساس وتوقيت دقيق ..
زيارة الرئيس الأميركي  دونالد ترامب المقبلة  إلى منطقة  الخليج العربي  تأتي  فعلا  في لحظةٍ حرجة، تتقاطع فيها أولويات الأمن الإقليمي مع حسابات الانتخابات الأميركية، وملفات الطاقة، وصفقات التسلح، والتطبيع المحتمل مع إسرائيل.
وبينما يبدو ترامب أقرب للمزاج السياسي الإسرائيلي من أي إدارة سابقة، فإن زيارته قد تحمل أهدافًا مزدوجة:
 تسويق دور أميركي جديد في مسار التسوية، مستندًا إلى شعبيته في بعض العواصم الخليجية، في محاولة لإحياء "صفقة القرن" القديمة بحلة جديدة .
احتواء التمدد الإيراني عبر ضمان أمن الخليج مقابل صيغة حل مجتزأ للقضية الفلسطينية، يُبقي إسرائيل جزءًا من النظام الأمني الإقليمي.
 وهنا يثور سؤال جوهري  حول آفاق السلام: 
الفرصة الأخيرة في ظل هذا المشهد المركّب، تبرز الحاجة الماسة إلى صياغة عربية جديدة لمفهوم السلام، تنطلق من ثوابت الحق الفلسطيني، لا من مصالح مرحلية أو إملاءات خارجية ،  فالسلام الذي لا يحقق العدالة، ولا يعيد الأرض، ولا يُنهي الاحتلال، لن يكون إلا هدنة مؤقتة تُمهد لانفجار أكبر.
على الدول العربية الفاعلة، لا سيما في الخليج، أن تعيد توجيه البوصلة  العربية  نحو دعم حقيقي لمشروع سياسي فلسطيني موحّد، يستند إلى الدبلوماسية الفعّالة، وبناء أدوات ضغط حقيقية في المحافل الدولية.
أما استمرار الاعتماد على الدور الأميركي دون شروط واضحة، فلن يؤدي إلا إلى تدوير الأزمة وتمكين الاحتلال من فرض شروطه. 
لا بد من موقف عربي واضح يُبلغ أي إدارة أميركية – حالية أو مستقبلية – أن التطبيع والسلام مرهونان بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إن زيارة   زيارة ترامب لن تغيّر المعادلة ما لم تدرك واشنطن أن مفتاح الأمن في الشرق الأوسط يبدأ من إنهاء الظلم التاريخي بحق فلسطين. 
وإن لم يتم لجم العدوان الإسرائيلي، فستفتح المنطقة على سيناريوهات انفجار إقليمي غير مسبوق.
السلام العادل ليس خيار ضعف، بل عنوان قوة ورؤية.
 وآن الأوان ليكون للعرب مشروعهم الكامل، لا أن يكونوا ساحة مشاريع الآخرين.
د. عبدالرحيم جاموس
الرياض 9/5/2025  م
http://Pcommety@hotmail.com

المصدر : جنوبيات