بأقلامهم >بأقلامهم
"طريق التسوّل"!



جنوبيات
يُروى أنّ شابًّا وسيمًا هام بابنة زعيم الشحّاذين، وأراد الزّواج بها رغم إرادة أبيه الذي حاول صدّه عن هذا الزّواج فلم يفلح.
ونتيجة إصرار هذا الشابّ وإمعانه في تحقيق مراده، توجّه كبار قومه إلى دار تلك الفتاة لطلب يدها للزواج.
عندها، التفت جدّ الفتاة إلى الجاهة قائلًا: "مهر ابنتنا غالٍ، وهو عشرة دنانير. فتبسّمت الوجوه (باستغراب)!!.
ثمّ أضاف "بدهاء":
لكن، هناك شرط بأن يحصل عليها العريس عن "طريق التسوّل".
فعرضت الجاهة عليه مئات الدّنانير وأكثر بدلًا من هذا الطلب الغريب الذي يمسّ بالسّمعة والكرامة، لعلّه يتجاوز عن شرطه القاسي.
لكنّه أصرّ، فما كان أمام الشابّ إلّا الرضوخ.
فلبس رثّ الثياب ومرقوعها وأخذ يسوح في البلاد "كمتسوّل يسعى إلى جمع المهر عن طريق الشّحاذة".
وبعد أن جمع المبلغ المطلوب أسرع لوضعه بيد الجدّ لإتمام العقد.
فسأله الجدّ:
هل شعرت بشيء غريب حصل لك في رحلة التسوّل؟
فقال:
لم أشعر بشيء إلّا مع آخر قطعة نقديّة (أردت تسوّلها لإكمال المبلغ).
فقد قادني حظّي العثير لرجل شحيح لم يستجب لتوسّلاتي، ولكنّي، وحرصًا على (تمام المهر)، تبعته ولزقت به كالقرادة، فأخذ يصدّني بكلّ ما للصدّ من أشكال. فأحسست حينها أنّ شيئًا انقطع بين عينيّ كانقطاع الوتر المشدود، حتّى حصلت على مبتغاي.
فابتسم العجوز، وأطلق مقولته التي صارت مثلًا:
"ما دام شرش الحيا قد طقّ من بين عينيك" فلا خوف عليك، لأنّ قلّة الحياء عند معشر الشحّاذين رزق دائم.
ونسأل وتسألون: كم من "شروش" الحياء طقّت في بلدنا الحزين الذي بتنا نعيش فيه تحت خطّ الفقر، وأقلّ مستوى من التّسوّل، وذلّ الشّحاذة!!!.