بأقلامهم >بأقلامهم
التوازن بين الحريات والمحافظة على الأمن الوطني
التوازن بين الحريات والمحافظة على الأمن الوطني ‎الأربعاء 16 04 2025 17:37 هبه بيضون
التوازن بين الحريات والمحافظة على الأمن الوطني

جنوبيات

من حق الأردن حماية استقراره الداخلي، فما تمّ كشف النقاب عنه من مؤامرة خطيرة وجادة من قبل مجموعة من كوادر الإخوان المسلمين ضد البلد الآمن، بهدف زعزعة الأمن الوطني من خلال المخططات التخريبية التي قطعت شوطاً كبيراً بالإعداد لها، لاستخدامها ضد أهداف داخل المملكة، يعكس مستوى التخطيط والتنسيق العالي.

لهذه المؤامرة تداعيات كبيرة على المستويين، السياسي والأمني الأردني، فعلى الصعيد الأمني، فقد أثبتت الأجهزة الأمنية الأردنية، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة، بقدرتها الفذّة والمشهود لها، على التصدّي للمخططات والمؤامرات التخريبية والإرهابية التي تستهدف الأردن، ما يعزّز الثقة بالأجهزة الأمنية بشكل عام، وبجهاز المخابرات العامة بشكل خاص.

وعلى الصعيد الأمني الاحترازي والاستباقي، قد يدفع هذا الحدث المؤسسة الأمنية الأردنية بتشديد رقابتها على الأنشطة المختلفة، خاصة السياسية منها والاجتماعية، من منطلق أنّ الأردن مستهدف من قبل مجموعات، سواء وسمت بالإرهابية، أو بالجماعات المتطرفة، خاصة تلك المرتبطة ببعض الجهات الخارجية، ما قد يثير التساؤلات لدى البعض حول عملية التوازن بين المحافظة على الأمن وحماية الوطن، وبين الحريات، في ذات الوقت، قد يجد الأكثرية أنه لا تناقض بينهما، فمن جهة، يعتبرّ الأمن الوطني أولوية لضمان أمن وأمان واستقرار الدولة، وحماية المواطنين، وكل من هو على الأرض الأردنية، وبالتالي، فإنّ الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها لتحقيق هذا الهدف، ومن جهة ثانية، فإنّ الحريات السياسية والاجتماعية هي من الحقوق التي يجب صونها بموجب القانون، لتعزيز الديمقراطية والمشاركة المجتمعية، بما لا يهدّد الأمن الوطني، بمعنى أنّه يجب المحافظة على هذا الخط الرفيع الفاصل، لضمان التوازن.

أما إذا استخدمت الرقابة كوسيلة  لتقييد الحريات بشكل ملحوظ، أو لقمع المعارضة السياسية التي تعمل ضمن الأطر المقبولة، فإنّ ذلك يعتبر انتهاكاً للحقوق الأساسية، وقد يؤدّي بالنهاية الى تآكل الثقة بين الحكومة والمواطن، ولكني لا أرى أنّ هذا سيحدث، فلطالما تمتع الأردنيون، بالحرية المسؤولة، ولا تتدخل الأجهزة الأمنية إلّا في حال تم تجاوز الخط الأحمر لحفظ الأمن الأهلي والوطني.

ولخلق التوازن بين الحريات وحفظ الأمن، يجب أن تكون الرقابة محصنة، باستنادها الى قوانين واضحة، تحدّد الأنشطة التي تعتبر تهديداً للأمن الوطني، وضمان وجود آليات رقابية مستقلة تتابع تنفيذ القوانين المتعلقة بذلك.

كما يجب تعزيز الشفافية، بمعنى توضيح أسباب الرقابة والإجراءات المتخذة، ما يعزّز الثقة بين الدولة والمواطن، وضرورة إشراك المجتمع المدني بالمناقشات السياسية الأمنية، وهذا أعتقد حاصل عبر بعض المراكز البحثية.

هذا بالإضافة الى حماية الحريات السياسية، وضمان بألّا تستخدم الرقابة كذريعة لقمع المعارضة، أو تقييد حرية التعبير، وتعزيز دور القضاء بحماية الحريات والحقوق. كما أنّ توعية المواطن بأهمية الأمن الوطني ودوره بتحقيقه أمر مهم.

لا بد أيضاً من معالجة الأسباب الجذرية للتهديدات الأمنية، وعدم الاكتفاء بالرقابة الاحترازية، كالفقر والبطالة.

إنّ تحقيق التوازن بين تحقيق الأمن والحريات، يتطلب نهجاً شاملاً يراعي حقوق الأفراد، ويعزّز استقرار الدولة بذات الوقت، بمعنى أن تكون العملية الرقابية وسيلة لحماية المجتمع والوطن، وليس أداة لتقييد الحريات.

المصدر : جنوبيات