بأقلامهم >بأقلامهم
"الوليد الأخير" -1-
"الوليد الأخير" -1- ‎السبت 8 03 2025 20:28 قاسم جمال خازم
"الوليد الأخير" -1-

جنوبيات

في لحظاتٍ يتغير فيها كل شيء، ومع كلمة واحدة، يتحول الفرح إلى خوف، والأمل إلى حيرة. ففي عالمٍ تحكمه التوقعات والأحلام، كانت لحظة ولادة ذلك الطفل بداية لمأساة من نوع خاص، مأساة لم يكن يعرف أبعادها إلا الوالد، الذي حمل في قلبه معاناة لا تخرج عن صمت الدموع وآلام الأمل المكسور. رحلة بدأت في المستشفيات، ومرّت بتوقعات قاتمة، ولم تزل تحمل في طياتها سؤالًا لم يجد له جوابًا: هل هو قدر مكتوب؟ أم مجرد اختبار قاسي من الحياة؟
لم يكن الوالد على دراية كافية حول جنس الطفل، هل هو ذكر أم أنثى؟ إلى أن قال له الطبيب: "إنه ذكر".

وبعد تلك الكلمة، اقترب الطبيب منه ليهمس في أذنه سريًا قائلاً: "لكن قد لا يمشي".

غريب! ببضع كلمات، تتحول النعمة الإلهية إلى نقمة، أو ربما كانت نعمة من نوع آخر؟ من يدري؟ إلا أن الوالد أصر على معالجة الطفل، فذهب إلى طبيب آخر، كان عاجزًا عن تقديم الحلول، وكأنّه كان يعلم ما سيحدث، قائلاً للجميع: "لا، هذا الطفل سيموت بعد عشرة أيام!". هل كان هذا يأسًا؟ الوالد لم ييأس.

لقد نشأ الطفل في المستشفيات، وكان هناك رعاية إلهية مستمرة له. وعندما علمت العائلة الكبرى بهذا الخبر، عززوا من عزيمة الوالد، خاصة الجد المرحوم "أبو محمود".

لذلك، كان من الأفضل أن يدرس أبو علي (الوالد) كل الحسابات ويضعها بين يدي الله وحده.

كان أول حساباته هو إخفاء حالة الطفل عن أخواته الثلاثة وأخيه، حتى لو كان صغيرًا، لأن الرياح لا تجري دائمًا بما تشتهي السفن. وأي حديث يجرُّ حديثًا، فتنتشر الأخبار كالنار في الهشيم داخل العائلة.

ومع فتح الباب، كان الوالد يدعو الله ألا يسأله أحد. وفجأة، سألته الأخت الثانية "ريم": "كيف الطفل؟". ضحك ضحكة خفيفة وقال: "إنه يشبهكِ". 

يتبع...

المصدر : جنوبيات